من قلب الجحيم
من قلب الجحيم بقلم خالدة حامد ... فَمَنْ هو الإنسان؟ إنه الوحيد الذي ينبغي أن يكون شاهداً على ما هو عليه. أن تشهد يعني أنكَ تبرهن، لكنه يعني أيضاً تكون مسؤولاً عمّا برهنتَ عليه في شهادتكَ، الإنسان هو الذي يكون، على وجه التحديد، الشاهد على وجوده الخاصّ. هذه الشهادة لا تعني تعبيراً لاحقاً وإضافياً عن كينونة الإنسان، بل تشكِّل جزءاً من وجود الإنسان. لكنْ، على ماذا ينبغي أن يشهد الإنسان؟ على انتمائه للأرض؟ هذا الانتماء يتوقّف على حقيقة أن الإنسان هو الوريث، والمتعلّم للأشياء كلّها. لكن الأشياء تكون في صراع، بطبيعة الحال، فما الذي يُبقيها بمنأى عن الصراع، ويعمل، في الوقت نفسه، على دمجها معاً في علاقة، يسمّيها هولدرلين بـ "العلاقة الحميمة". إن شهادة الانتماء لهذه العلاقة الحميمة يحدث من خلال خَلْق العالم وبزوغه، وكذلك من خلال دماره وأفوله. فالشهادة على كينونة الإنسان، وبالتالي على إنجازه الأصيل، تتأتّى لديه من حُرّية القرار. القرار الذي يُمسك بقبضة ما هو ضروري، ويربط نفسه في رباط علوي. إن كون الإنسان شاهداً على انتمائه، من بين الكينونات الأخرى ككلّ، يحدث بصوفه تاريخاً. لكنْ، ليكون هذا التاريخ ممكناً، أُعطيَت اللغةُ للإنسان. وهي مصلحة من مصالح الإنسان